سورة الأعلى - تفسير تفسير البيضاوي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (الأعلى)


        


{سَبِّحِ اسم رَبّكَ الأعلى} نزه اسمه عن إلحاد فيه بالتأويلات الزائغة وإطلاقه على غيره زاعماً أنهما فيه سواء وذكره الأعلى على وجه التعظيم، وقرئ: {سبحان ربي الأعلى}. وفي الحديث: «لما نزلت {فَسَبّحْ باسم رَبّكَ العظيم} قال عليه الصلاة والسلام اجعلوها في ركوعكم، فلما نزلت {سَبِّحِ اسم رَبّكَ الأعلى} قال عليه الصلاة والسلام اجعلوها في سجودكم» وكانوا يقولون في الركوع اللهم لك ركعت وفي السجود اللهم لك سجدت.
{الذى خَلَقَ فسوى} خلق كل شيء فسوى خلقه بأن جعل له ما به يتأتى كماله ويتم معاشه.
{والذى قَدَّرَ} أي قدر أجناس الأشياء وأنواعها وأشخاصها ومقاديرها وصفاتها وأفعالها وآجالها. {فهدى} فوجهه إلى أفعاله طبعاً واختياراً بخلق الميول والإِلهامات ونصب الدلائل وانزال الآيات.
{والذى أَخْرَجَ المرعى} أنبت ما ترعاه الدواب.
{فَجَعَلَهُ} بعد خضرته. {غُثَاء أحوى} يابساً أسود. وقيل: {أحوى} حال من المرعى أي أخرجه {أحوى} أي أسود من شدة خضرته.
{سَنُقْرِئُكَ} على لسان جبريل عليه الصلاة والسلام، أو سنجعلك قارئاً بإلهام القراءة. {فَلاَ تنسى} أصلاً من قوة الحفظ مع أنك أمي ليكون ذلك آية أخرى لك مع أن الإِخبار به عما يستقبل ووقوعه كذلك أيضاً من الآيات، وقيل نهي والألف للفاصلة كقوله تعالى: {السبيلا} {إِلاَّ مَا شَاءَ الله} نسيانه بأن نسخ تلاوته، وقيل أراد به القلة والنذرة. لما روي أنه عليه الصلاة والسلام: «أسقط آية في قراءته في الصلاة فحسب أُبيّ أنها نسخت فسأله فقال: نسيتها» أو نفى النسيان رأساً فإن القلة تستعمل للنفي. {إِنَّهُ يَعْلَمُ الجهر وَمَا يخفى} ما ظهر من أحوالكم وما بطن، أو جهرك بالقراءة مع جبريل عليه الصلاة والسلام وما دعاك إليه من مخافة النسيان فيعلم ما فيه صلاحكم من ابقاء وإنساء.
{وَنُيَسّرُكَ لليسرى} ونعدك لطريقة اليسرى في حفظ الوحي، أو التدين وتوفقك لها ولهذه النكتة قال: {نيسرك} لا نيسر لك عطف على {سَنُقْرِئُكَ}، وأنه يعلم اعتراض.


{فَذَكّرْ} بعد ما استتب لك الأمر. {إِن نَّفَعَتِ الذكرى} لعل هذه الشرطية إنما جاءت بعد تكرير التذكير وحصول اليأس من البعض لئلا يتعب نفسه ويتلهف عليهم كقوله: {وَمَا أَنتَ عَلَيْهِمْ بِجَبَّارٍ} الآية، أو لذم المذكورين واستبعاد تأثير الذكرى فيهم، أو للإشعار بأن التذكير إنما يجب إذا ظن نفعه ولذلك أمر بالإِعراض عمن تولى.
{سَيَذَّكَّرُ مَن يخشى} سيتعظ وينتفع بها من يخشى الله تعالى بأن يتأمل فيها فيعلم حقيقتها. وهو يتناول العارف والمتردد.
{وَيَتَجَنَّبُهَا} ويتجنب {الذكرى}. {الأشقى} الكافر فإنه أشقى من الفاسق، أو {الأشقى} من الكفرة لتوغله في الكفر.
{الذى يَصْلَى النار الكبرى} نار جهنم فإنه عليه الصلاة والسلام قال: «ناركم هذه جزء من سبعين جزأ من نار جهنم» أو ما في الدرك الأسفل منها.
{ثُمَّ لاَ يَمُوتُ فِيهَا} فيستريح. {وَلاَ يحيى} حياة تنفعه.
{قَدْ أَفْلَحَ مَن تزكى} تطهر من الكفر والمعصية، أو تكثر من التقوى من الزكاة، أو تطهر للصلاة أو أدى الزكاة.
{وَذَكَرَ اسم رَبّهِ} بقلبه ولسانه {فصلى} كقوله: {أَقِمِ الصلاة لِذِكْرِي} ويجوز أن يراد بالذكر تكبيرة التحريم، وقيل: {تزكى} تصدق للفطر {وَذَكَرَ اسم رَبّهِ} كبره يوم العيد {فصلى} صلاته.
{بَلْ تُؤْثِرُونَ الحياة الدنيا} فلا تفعلون ما يسعدكم في الآخرة، والخطاب للأشقين على الالتفات أو على إضمار قل، أو للكل فإن السعي للدنيا أكثر في الجملة، وقرأ أبو عمرو بالياء.
{والآخرة خَيْرٌ وأبقى} فإن نعيمها ملذ بالذات خالص عن الغوائل لا انقطاع له.
{إِنَّ هذا لَفِى الصحف الأولى} الإِشارة إلى ما سبق من {قَدْ أَفْلَحَ} فإنه جامع أمر الديانة وخلاصة الكتب المنزلة.
{صُحُفِ إبراهيم وموسى} بدل من الصحف الأولى.
قال صلى الله عليه وسلم: «من قرأ سورة الأعلى أعطاه الله عشر حسنات بعدد كل حرف أنزله الله على إبراهيم وموسى ومحمد عليهم الصلاة والسلام».